التقويم الزمني
يذهب علماء التاريخ إلى أن المصريين كان لهم سبق في تحديد السنة الشمسيّة بـ 365 يوما، وتقسيم السنة إلى اثنى عشر شهرا، والشهر إلى ثلاثين يوما، واليوم إلى 24 ساعة. وقد بدأ المصريون منذ 3200 ق.م يؤرخون لأحداثهم على ألواح. ويقدّر بعض علماء التاريخ أنّ استخدام الإنسان للتقويم الزمني يرجع إلى زمن أبعد مما ذكر. والذي يهمنا في هذا المقام ما يسمى اليوم (بالتقويم العبري) فمعلوم أن التاريخ الميلادي يرجع إلى ميلاد المسيح عليه السلام، وأن التاريخ الهجري يرجع إلى هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. فما هو التاريخ العبري؟
نحن الآن في العام 1999م وحتى نعرف التاريخ العبري في أول تسعة أشهر من التاريخ الميلادي نقوم بإضافة (3760) إلى العام 1999م، أي (1999 + 3760) = (5759). أما الثلاثة أشهر الأخيرة من التاريخ الميلادي فنضيف (3761). وهذا يعني أنّ العام الميلادي الأول هو العام 3760 أو 3761 عبري. ويرجع علماء التوراة هذا التاريخ إلى بداية خلق آدم وظهور الإنسان على الأرض. وهذا يتناقض بشكل واضح مع تقديرات العلوم المعاصرة، وعلى وجه الخصوص عندما نجد بعض الحضارات ترجع إلى أكثر من عشرة آلاف سنة. ونحن هنا سنقبل أنّ العام 1999ميلادي يوافق 5759 أو 5760 عبري، ولكننا لا نصدّق أن هذا التاريخ يرجع إلى بداية ظهور الإنسان على الأرض. وقد يكون هذا التصور من أوهام الحاخامات اليهود في القرن السادس قبل الميلاد.(1)
فرضيّة
نظراً لعدم منطقية الزعم بأن التاريخ العبري يرجع إلى بداية ظهور الإنسان على الأرض. وبناءً على ملاحظاتنا العديدة في قصة أصحاب الكهف في القرآن الكريم، فقد قمنا بوضع الفرضية الآتية:
" التاريخ العبري يرجع إلى بداية نوم أصحاب الكهف"
لا نقصد هنا إلى إثبات هذه الفرضيّة علمياً لأن هذا يبدو غير ممكن على ضوء المعطيات التاريخيّة الحاليّة. بل إنّ هذا التاريخ نفسه لم يثبت بطريقة علميّة مقبولة. ولكننا نحب أن نطرح بعض الملاحظات المتعلقة بالعدد القرآني والتي وجدناها تشير إلى إمكانية أن تكون بداية التاريخ العبري هي بداية نوم أهل الكهف، وسيجد القارئ توافقات عجيبة نأمل أن تقود إلى اكتشاف ما هو أهم. ومن المتوقع أن تختلف ردة فعل المسلم الذي يؤمن بأن القرآن هو وحي إلهي، عن ردة فعل غير المسلم. إلا أننا نتوقع أن تلفت هذه الملاحظات انتباه الجميع. وسنقوم الآن بعرض هذه الملاحظات على صيغة لوحات.
اللــوحــــــــــة الآولــــى
تُستّهلَّ سورة الإسراء (سورة بني إسرائيل) بالحديث عن حادثة الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم يكون الحديث عن نبوءة إفساد اليهود في الأرض المباركة مرتين، وما يتبع هذا الإفساد من عقوبة وزوال. وقد وجدنا في دراسة سابقة(2) أنّ زوال دولة إسرائيل الثاني والأخير يحتمل أن يكون في عام 2022 ميلادي الموافق للعام 1443 هـجري الموافق للعام 5782 عبري. ويستند هذا الاحتمال إلى ملاحظات عددّية يراها البعض جازمة في الموضوع، في حين نراها نحن في دائرة الاحتمال الراجح.
بعد الحديث عن الزوال الثاني والأخير (وعد الآخرة) يأتي التعقيب بآيات منها الآية (12): "وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة، لتبتغوا فضلاً من ربكم، ولتعلموا عدد السنين والحساب، وكل شيء فصلناهُ تفصيلاً" .
تعليق :-
* جاء الحديث عن الجانب الفلكي، وعدد السنين والحساب، بعد الحديث عن وعد الآخرة والزوال الثاني، وهذا أمر يلفت الانتباه.
* تبين لنا في دراسة سابقة(3) أن كل كلمة من سورة الإسراء تقابل سنة. ويلحظ أنّ كلمة (الحساب) رقمها في الآية هو (19).
* وفق نظام حساب الجُمَّل(4) فإن كلمة (عدد) في الآية السابقة تجعلنا نحسب جمّل (السنين والحساب):
ا
ل
س
ن
ي
ن
المجموع
1
30
60
50
10
50
201
و
ا
ل
ح
س
ا
ب
6
1
30
8
60
1
2
108
مجموع جــُمـل ( السنين و الحساب )
309
* على ضوء ما سلف -إن جاز لنا أن نُعَوِّض- يصبح المعنى في البعد الرياضي العددي: " ولتعلموا عدد 309" فما علاقة 309 بحساب السنين؟ وما علاقته بوعد الآخرة، وبالعام 1443 هـجري الموافق 2022 ميلادي الموافق 5782 عبري، والذي هو عام زوال الإفساد الثاني من الأرض المباركة فلسطين.
معلوم أن العدد 309 هو مدّة لبث أصحاب الكهف. فما علاقة مدة لبث أصحاب الكهف بوعد الآخرة في سورة الإسراء؟!
اللـوحـــــــــة الـثــانـيــة
تأتي سورة الكهف في ترتيب المصحف بعد سورة الإسراء مباشرة، وقد بينّا العلاقة القائمة بين السورتين.(5) وقد وجدنا أنّ سورة الكهف هي امتداد لمعاني سورة الإسراء. ولا شك أن تسمية السورة بسورة الكهف يدل على مركزية قصة أصحاب الكهف والرقيم. وهي القصة الأولى في السّورة والتي تتضمن أربع قصص. ويأتي الحديث حول قصة أصحاب الكهف في الآيات من (9 - 26). وتتحدث الآيتان 25، 26 عن مدة لبث أصحاب الكهف والتي هي (309) سنة:
"ولبثوا في كهفهم ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا، قل الله أعلمُ بما لبثوا..." .
تعليق :-
* عندما نقول: "ولبثوا في كهفهم" فإنك تنتظر الجواب والذي هو: "ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا" وهذا جواب بياني. أما الجواب الرياضي العددي فإنك تجده عندما تبدأ عد الكلمات من بداية القصة: "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا" حتى تصل قوله تعالى: "ولبثوا في كهفهم" فسنجد أن الكلمة (ثلث) هي الكلمة (309) في القصة.
* أن نجد إجابة بيانيّة، وإجابة عددّية لمدة لبث أصحاب الكهف فإن هذا يلفت الانتباه إلى ضرورة متابعة هذا الأمر في الجانب الرياضي، وإلا ما معنى هذا التوافق؟
* سورة الكهف هي السورة (18) في ترتيب المصحف. واللافت للانتباه أنّ عدد آيات قصة الكهف هو (18) أيضا، وهذا يعزز قولنا بضرورة متابعة الأمر عددياً.
اللـوحــــــــــة الـثــالـثــــــة
"والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" .(سورة العصر)
تعليق:-
العصر هنا هو الدهر، وهو أولى الوجوه في التفسير. فالقسم هنا بالدهر والزمن، وما يكون فيه من أحداث وأمور.
سورة العصر هي السورة (103) في ترتيب المصحف، وعدد آياتها (3) آيات. فإذا ضربنا ترتيبها في عدد آياتها يكون الناتج:
103 × 3 = 309
مسألة ضرب ترتيب السورة في عدد آياتها، هي مسألة واردة في العدد القرآني. فعلى سبيل المثال: إذا ضربت ترتيب سورة الحديد (57) في عدد آياتها (29) يكون الناتج (1653) وهذا هو مجموع من (1 - 57)(6) ، وإذا ضربت ترتيب كل سورة من سور القرآن الكريم بعدد آياتها ثم رتبت السور تنازلياً حسب الناتج تبقى سورة (الحديد) هي السورة (57).(7) وهي السورة الوحيدة التي تحتفظ بترتيبها في المصحف.
لاحظنا أنّ كلمة (ثلاث) في المصحف تكتب ثلاثة أحرف (ثلث). وقد تبين أنّ ترتيب هذه الكلمة في قصة الكهف هو (309). وأن جُمّل كلمة (ثلث) هو (1030) وإذا ضرب جُمّل (ثلث) هذا بقيمتها العددية يكون الناتج 1030 ×3 =(3090). وهذه مجرد ملاحظة رأينا أن لا نهملها. مع أنّ ظاهرها لا يعنينا كثيراً.
اللـوحــــــــــة الرابعـــــــة
" ولبثوا في كهفهم ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا".
تعليق :-
جُمّل: "ثلث مائة سنين وازدادوا تسعاً"(
= 1808
جُمّل: "ألف وأربعمائة وثلث وأربعون" = 1808
العام 1443هـ يوافق العام 2022م وقد لاحظنا أن جُمّل "ثلث مائة سنين وازدادوا تسعاً" يساوي جُمّل "ألف وأربعمائة وثلث وأربعون" فما علاقة 2022 م بذلك ؟
لاحظنا في اللوحة (2) أنّ مدة لبث الفتية أجيب عنه بيانياً وعددياً. وهنا أيضاً إذا أخذنا جُمّل العبارة البيانية مضافاً إليها (309) كما هو مبين يكون الناتج (1808 + 309 = 2117).
جُمَّل كلمة (ميلادي) = (40 + 10 + 30 + 1 + 4 + 10 ) = (95)، وعليه يكون جُمَّل 2022 ميلادي = (2022 + 95) =، 2117 وعليه نلاحظ أنّ عبارة: "ثلث مائة سنين وازدادوا تسعاً" تضمنت 1443 و 2022م. ولا ننسى أنّ العام 1443هـ يوافق 2022م.
عدد أحرف قصة الكهف هو = 1401 وإذا أضيف إلى هذا العدد جُمَّل : (سورة الكهف) يكون الناتج (1401 + 407) = 1808. أي أن أحرف قصة الكهف مضافاً إليها جُمَّل (سورة الكهف) يكون الناتج جُمَّل (ثلث مائة سنين وازدادوا تسعاً) والذي هو جُمَّل 1443 و 2022 + جُمّل ميلادي.
سورة الإسراء التي تتحدث عن وعد الآخرة نزلت سنة (621) ميلادي، وعليه يكون الفرق بين سنة حادثة الإسراء والسنة التي يتوقع فيها زوال إسرائيل هو: (2022 - 621) = (1401) والعجيب أنّ هذا هو جُمَّل: (ألفان واثنان وعشرون) مع ملاحظة أنّ كلمة (اثنان) كتبت في المصاحف العثمانية (اثنان) و (اثنن) وفي الكلمات التي وردت في القرآن نلتزم عند الجُمَّل بكيفيّة كتابتها في المصحف. وفي حالة كتابتها بأكثر من وجه، يكون لنا الخيار في الاختيار.
* خلاصة :-
وجدنا أنّ جُمَّل" "ثلث مائة سنين وازدادوا تسعاً" يتضمن العام 1443 والعام 2022م. وكذلك وجدنا أن عدد أحرف قصة الكهف يتضمن العام 2022م فإذا أضيف إليه جُمَّل (سورة الكهف) كانت النتيجة تتعلق بـ 1443 والعدد 309. وأن عدد أحرف قصة الكهف يوافق عدد السنين من نزول سورة الإسراء إلى العام 2022. وهنا يثور سؤال، فأين السنة العبرية (5782) الموافق للعام 1443هـ والعام 2022 م ؟!
اللوحــــــــــة الخــامســــــة
قلنا إن السنة (5782) عبرية توافق 1443 هـ و 2022م، فأين هذه السنة من العدد 309 ؟!
تعليق :-
إذا أردنا تحويل (5782) من سنين شمسيّة إلى قمرية فإننا نسلك الخطوات الآتية:-
أ - 5782 × 365، 2422 = 2111830 يوماً.
ب - 2111830,4 ÷ 354,367 = 5959,44
جـ - وعليه تكون السنة (5782) عبرية تعادل (5959) قمرية.
إذا جمعنا العددين السابقين 5782، 5959 بغض النظر عن اختلاف وحدتيهما، فسوف نجد أن متوسط هذين العددين هو 5871.(9)
اللافت للانتباه أن هذا العدد 5871 هو (19 × 309).
نلاحظ العددين (19) و (309).
اللـوحــــــــــة السـادســـــــة
جاء في الآية (259) من سورة البقرة: "أو كالذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنّى يحيي هذه الله بعد موتها، فأماته الله مائة عامٍ ثم بعثه. قال كم لبثت، قال: لبثتُ يوماً أو بعض يوم"
وجاء في قصة الكهف: "وكذلك بعثناهم ليتساءَلوا بينهم، قال قائل منهم كم لبثتم، قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم". وتنتهي القصة بتحديد مدّة لبثهم في الآية (25) ثم بالكلام عن أنّ الله تعالى هو أعلم بمدة لبثهم والتي هي (309). لذا تنتهي القصة عند الآية (26).
تعليق :-
لاحظ التشابه في موضوع وعبارات القصتين، بل لا توجد قصة ثالثة في القرآن الكريم في الموضوع نفسه.
في القصة الأولى يلبث العزير 100 عام، وفي قصة أصحاب الكهف والرقيم يلبث الفتية (309) سنة.
في قوله تعالى: "فأماته الله مائة عام" نجد أنّ كلمة (مائة) هي الكلمة (19) في الآية. وإذا ضربنا ترتيب كلمة (مائة) بقيمتها العددّية يكون الناتج: (19 × 100) = (1900) واللافت للانتباه أنّ عدد الآيات من الآية (259) من سورة البقرة إلى الآية (26) من سورة الكهف هو (1900) آية. وهذا إشارة عددية للعلاقة بين القصتين.
اختلف أهل التفسير في الرجل الذي مرّ على قرية، ومات مائة عام، فقال الجمهور إنّه العزير، وقال بعضهم بل هو أرميا، وقال بعضهم بل هو حزقيال ونحن نميل إلى قول الجمهور، والذي هو الأشهر، وأنّ القرية هي بيت المقدس، بل إنّ القصة قد تفسر لك شيئاً من دوافع بعض اليهود في تأليه العزير: "وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله"(10) ولا ننسى أن المسيح كان يحيي الموتى بإذن الله. بل إن النصارى تقول إنه قام بعد الموت.
وجدنا أن العدد قد يساعد في ترجيح قول الجمهور في أنّ الذي مات مائة عام هو العزير وإليك بيان ذلك:
أ- لم يرد اسم العزير في القرآن الكريم إلا في الآية (30) من سورة التوبة: "وقالت اليهود عزير ابن الله" وجُمَّل هذه العبارة هو (999).
ب- عدد الآيات من الآية (259) البقرة والتي تتحدث عن قصة العزير، إلى الآية (30) من سورة التوبة التي تقول: "وقالت اليهود عزير ابن الله" هو أيضاً (999). فتأمل !!
جـ- إذا ضربنا 999 في 19 يكون الناتج (999 × 19) = 18981 ويدهشك أن تعلم أن عدد الكلمات من لفظ (الله) في قوله تعالى: "وقالت اليهود عزير ابن الله" رجوعاً إلى آية العزير يبلغ (18981) كلمة في الآية (259) من سورة البقرة، والتي تتحدث عن العزير.
اللـوحــــــــــة الســــابعــــة
لاحظنا أن هناك علاقة عددية بين الآية "259" من سورة البقرة، والتي تتحدث عن العزير وبعثه بعد مائة عام من موته، وآيات قصة أصحاب الكهف، ولا تخفى العلاقة في المعنى. وإليك الآن بعض الملاحظات العددية المتعلقة بمواقع هذه الآيات من القرآن الكريم:
* تنتهي قصة الكهف بالآية 26 من سورة الكهف، وهي الآية التي تُستهل بقوله تعالى :"قل الله أعلم بما لبثوا...." وقد قلنا إنّ من المعاني المحتملة لهذه العبارة :" قل الله أعلم بحقيقة العدد 309. على اعتبار أن "ما لبثوا" هو (309):
أ= عدد الآيات من بداية المصحف حتى نهاية الآية 26 من سورة الكهف هو 2166 وهذا هو 19×114 واللافت للانتباه أن أل 114 هو عدد سور القرآن الكريم.
ب= عدد آيات القرآن الكريم هو 6236 آية، وهذا يعني أن عدد الآيات بعد الآية 26 من سورة الكهف هو (6236 - 2166) = 4070 آية.
ج = عدد الآيات من بداية المصحف إلى الآية 259 من سورة البقرة والتي تتحدث عن بعث العزيز هو 266 آية. وإليك هذا الرسم التوضيحي:
د= ما علاقة هذه الأرقام القرآنية بالواقع التاريخي؟!
اللـوحــــــــة الثـامـنـــــة
كانت مدة لبث أصحاب الكهف 309 سنة، وسنعتبر هذا العدد دورة تاريخية. وعلى ضوء ذلك يجدر بنا أن نسأل عن الدورة 19 للعدد 309. وحتى نعين الدورة 19 نقوم بضرب العدد 309 في 18 لتعيين بداية الدورة 19 ثم نضربه في 19 للتعيين نهاية الدورة:
18×309 = 5562 بداية الدورة
19×309 = 5871 نهاية الدورة
5562 * *5871 الدورة 19 للعدد 309
العام 5562 عبري يوافق العام 1801 و 1802 ميلادي. والعام العبري 5871 يوافق العام 2110 و2111 ميلادي كما يوافق أيضاً العام 1534 و 1535 هجري. وسنختار بعض هذه الأرقام في الرسم الآتي:
5562 عبري 309 5871 عبري
*ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ*
1801م الدورة 19 للعدد 309 2111م/1535هـ
تعليق: بالرجوع إلى اللوحة 7 نلاحظ الآتي:
العلاقة العددية بين العام 5871 العبري والعام الميلادي 1801 هي:
5871 - 1801 = 4070 ويدهشك أن هذا هو عدد الآيات من الآية 26 من سورة الكهف إلى آخر المصحف.
العلاقة العددية بين العام الهجري 1535 والعام الميلادي 1801 هي:
1801 - 1535 = 266 ويدهشك أيضاً أن هذا هو عدد الآيات من بداية المصحف إلى الآية 259 من سورة البقرة. أي أن علاقة السنة العبرية والسنة الهجرية في نهاية الدورة، بالسنة الميلادية في بداية الدورة هو عدد الآيات من بداية المصحف حتى آية البقرة المتعلقة بالعزير. وعدد الآيات من الآية 26 من سورة الكهف إلى آخر المصحف. وقد علمنا العلاقة بين آية العزير وآية الكهف.
العام الهجري 1535 والذي هو في نهاية الدورة، يدهشك أننا إذا أضفنا إليه جُمّل "للهجرة": يكون الناتج :1535 + 273 = 1808 وهذا هو جُمّل "ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا" وجُمّل "ألف وأربعمائة وثلث وأربعون" وعدد أحرف سورة الكهف يضاف إليها جُمّل (سورة الكهف)..الخ ويلفت الانتباه أن جُمّل " ألف وثمانمائة وثمانية" هو 1367 ويلحظ أن هذا هو العام الهجري الموافق للعام 1948م. وقد يفسر هذا علاقة العدد 1808 بالعام 1443هـ والعام 2022م.
يجدر التذكير بأن عدد الكلمات من بداية الحديث عن نبوءة إفساد وزوال الدولة اليهودية في فلسطين إلى قوله تعالى في سورة الإسراء: "فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا" هو 1443 كلمة، وقد وافق هذا العام 1443 هـ الموافق للعام 2022م. أما إذا استمر العد إلى آخر السورة فسيكون عدد الكلمات هو 1535 كلمة. وهذا هو العام الهجري الموافق لنهاية الدورة 19 للعدد 309.
اللـــوحــــــة التـاســـــعـة
ما علاقة السنة 309 ميلادية بالسنة العبرية؟ وبمعنى آخر أي سنة من التاريخ العبري توافق السنة 309 ميلادية؟
سبق أن قلنا إن معرفة السنة العبرية الموافقة للسنة الميلادية يكون بإضافة الرقم 3760 إلى رقم السنة الميلادية إذا كنا في الأشهر التسعة الأولى من السنة الميلادية، ويكون بإضافة 3761 إذا كنا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الميلادية. وبما أننا نريد أن نعرف السنة العبرية الموافقة للعام 309 ميلادي الذي يعبّر عن اكتمال الدورة، فإننا إذن نضيف 3761 وعليه: (309 + 3761) = 4070 ويدهشك أن هذا هو عدد الآيات من الآية 26 من سورة الكهف إلى آخر المصحف. وهذه النتيجة تعني أن كل دورة تاريخية مكونة من 309 سنة، يكون الفارق بين السنة العبرية في نهاية الدورة والسنة الميلادية في بدايتها دائماً هو 4070.
اللوحــــــــة العاشـــــــــرة
لوحظ في اللوحة الثامنة أن الدورة 19 للعدد 309 لها أهمية خاصة، لتوافقها مع العدد القرآني وإليك هذه الملاحظات العددية التي تجعلنا ندهش لتوافق سنوات هذه الدورة مع العدد القرآني:
يقول سبحانه وتعالى في سورة الكهف "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم" والذي نراه أن أصحاب الكهف هم الفتية، وأصحاب الرقيم هم الناس الذين كانوا ينتظرون قيام الفتية وظهورهم، وكانوا قد عرفوا العدد وبدأوا يَرْقُمون ذلك في ألواح، وعَلّمهم هذا الرَّقْم أهمية استخدام التقويم.وهنا تتجلى العناية الإلهية في دفع الناس إلى ممارسة عملية التقويم، واعتياد ذلك، من خلال انتظارهم لقيام الفتية. لذا، ولكل ما ذكر في هذه الدراسة، فإننا نرى أن من الأصوب أن نقول تأريخ رقيمي نسبة إلى أصحاب الرقيم، لا تأريخ عبري كما يدعي الحاخامات، ظناً منهم أنّ بداية التأريخ هو وجود الإنسان على الأرض. ومن هنا فإن نهاية الدورة 19 للعدد 309 هي 5871 رقيميّة وليست عبرية.
جُمّل كلمة "رقيميّة" هو 365 ويدهشك أنه عدد أيام السنة الشمسية. وقد تكرر لفظ يوم في صيغة المفرد في القرآن الكريم 365 مرة. وتبلغ دهشتك مبلغها عندما تعلم أننا إذا أضفنا جُمّل "رقيميّة" إلى "5871" يكون الناتج : (5871 + 365) = 6236 وهذا هو عدد آيات القرآن الكريم.
وعليه إذا أضفنا هذا العدد وهو 365 والذي يعبر عن السنة الشمسية أيضا، إلى العام الميلادي 1801 فستكون النتيجة 1801 + 365 = 2166 وهو كما علمنا عدد الآيات من بداية المصحف إلى الآية 26 من سورة الكهف، والذي هو 19×114 ومعلوم أن 114 هو عدد سور القرآن و6236 عدد آيات القرآن الكريم. فهل هذا يعني أن هذه الدورة تُمثّل اكتمال الرسالة؟ ولكن كيف؟!
قلنا إن عدد الآيات من بداية المصحف إلى الآية 259 من سورة البقرة والتي تتحدث عن موت العزير هو 266 آية أي 19 × 14 ومعلوم أن العزير قد أماته الله مائة عام، والعام كما قلنا في التفسير، هو قمري في الاصطلاح القرآني. فإذا أضفنا جمل "قمرية" إلى هذا الرقم 266 يكون الناتج (266 + 355) = 621 وهنا نلاحظ ما يلي:
أ - أن جُمّل (قمرية) هو عدد أيام السنة القمرية الكبيسة 355 وهذا توافق غريب، وتزداد الغرابة عندما نلاحظ أن بعد القمر في أقرب نقطة له عن الأرض هو 355 ألف كيلو متر.
ب - عندما أضفنا 355 إلى 266 كانت النتيجة 621 وهذا العدد يوافق سنة الإسراء، والتي نزلت فيها نبوءة وعد الآخرة، زوال إفساد إسرائيل في الأرض المباركة فلسطين. ومن هذا العام حتى العام 2022م هناك 1401 سنة وهذا هو عدد أحرف قصة الكهف، وإذا أضفنا إليه -كما سبق شرحه- جمل سورة الكهف يكون الناتج 1808 وأنت الآن خبير بهذا العدد ودلالاته.
العام العبري 5562 يوافق العام الميلادي 1801م، وعندما أضفنا 365 إلى 1801 كانت النتيجة هي 2166، وهذا كما قلنا هو عدد الآيات من بداية المصحف إلى الآية 26 من سورة الكهف، والتي هي الآية الأخيرة في القصة، أي أنها الآية 18 في قصة أصحاب الكهف، ومعلوم أن العام 5562 وما يوافقه 1801م هو نهاية الدورة 18 للعدد 19. ولا ننسى أن ترتيب سورة الكهف في المصحف هو أيضاً 18.
اللـوحــــة الحـــاديـــة عشـــــــره
مخطط توضيحي للدورة رقم 19 للعدد 309 وبؤرتها
5562 رقيميّة 5717 رقيميّة 5871 رقيميّة
1801م 1957م 2111م/1535هـ
بؤرة الدورة 19 للعدد 309 هي سنة 5717 رقيميّة وهي توافق السنة الميلادية 1957م وهذا هو 19×103. وقد سبق أن لاحظنا في لوحة 3 أن سورة العصر هي السورة 103 في ترتيب سور القرآن الكريم وأن عدد آياتها 3 وأن حاصل الضرب هو 103×3 = 309.
العام 1957م هو نهاية الدورة 103 للعدد 19 بالنسبة للتاريخ الميلادي. أي أن الدورة 103 للعدد 19 تبدأ بالعام 1938م وتنتهي بالعام 1957م، وهذا يعني أن بؤرة الدورة 103 للعدد 19 هو الشهر السادس من العام 1948م. ولا ننسى أن الهدنة الأولى والثانية بين العرب وإسرائيل في فلسطين كانتا في الشهر السادس من العام 1948م، حيث وُجدت (إسرائيل) على أرض الواقع. وسبق أن لاحظنا في اللوحات السابقة علاقة جمّل 1808 بالعام 1948م، وكذلك مركزية العام 1443هـ الموافق 2022م وهو العام الذي نتوقع توقعاً راجحاً أن تزول فيه "دولة إسرائيل"، وفق ما بيناه في كتابنا "زوال إسرائيل 2022م نبوءة أم صدف رقمية".
جمّل الرقم 103 وفق الرسم العثماني "مائة وثلث" هو 1083 أي 19×57 أي19×19×3. وهذا يعني أننا إذا ضربنا 1083×2 يكون الناتج 2166 وهو 19×114 وهو عدد الكلمات من بداية المصحف إلى الآية 26 من سورة الكهف وهو أيضاً 1801+365 = 2166 كما علمنا سابقاً. أما لماذا ضربنا 1083 في 2 فذلك لأننا لاحظنا أنّ الدورة 103 تأتي في منتصف الدورة 19 للعدد 309 والذي هو 103×3.
============================================
الزمن وحسابه في القرآن الكريم
يمكن تعريف "الزمن" بأنه فرق بين متغيرين، فالمتغيرات تجعلنا نحس بالزمن، ولا شك أن المتغيرات في المجتمعات المتحضرة أكبر منها في المجتمعات الأقل تحضراً. من هنا تزداد أهمية الوقت، ويحتاج عندها الإنسان إلى الضوابط والمقاييس. فلا عجب أن أبدع الإنسان التقاويم منذ فجر التاريخ، لينظم وقته ويسجل تاريخه، وما الوقت في حقيقته إلا الفعل البشري والمتغيرات التي أحدثها وأبدعها. وليس بعيداً عن الصواب أن يعتبر الأستاذ مالك بن نبي أن عناصر الحضارة هي: الإنسان والتراب والوقت.
لقد ربط الدين الكثير من العبادات بالوقت مما جعل الإنسان يحس بالزمن، ويجعله حاضراً في وعيه الفردي والاجتماعي. والمتدبر للشعائر التعبدية في الإسلام يلحظ هذا؛ فالصلاة مرتبطة باليوم وأجزائه، في حين يرتبط الصيام بوحدة من وحدات السنة وهي الشهر، وكذلك الحج، وإن كان يختلف عن الصيام في بعض الحيثيات. في حين نجد أن الزكاة مرتبطة بدورة سنوية تختلف من شخص إلى آخر. والفكرة المركزية في ذلك كله أن الإنسان بدأ يشعر بالدورات الصغيرة منها أو الكبيرة. وفي الوقت الذي تعود فيه الشمس إلى الإشراق لا تكون قد عادت من حيث بدأت، بل يعني ذلك في حس الإنسان الإعلان عن بداية دورة جديدة تختلف.
ليس هذا مقام الاستفاضة في تاريخ التقاويم في الحضارات المختلفة، ولكن الملحوظ أنّ التأريخ الأشهر في العالم، وهو الميلادي، يرجع إلى حادثة دينية ألا وهي ميلاد المسيح عليه السلام. أما التأريخ الهجري فكما هو معلوم يرجع إلى حادثة الهجرة الشريفة، وهي حادثة دينية أيضاً. أما التأريخ العبري فيزعم اليهود أنه يعود إلى ظهور الإنسان على الأرض بخلق آدم عليه السلام، وهذه أيضاً قضية تستند إلى مفاهيم دينية.
لقد أدان القرآن الكريم تلاعب العرب المشركين قبل الإسلام بترتيب الأشهر القمرية فيما يسمى "بالنسيء" يقول سبحانه وتعالى في سورة التوبة :"إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا" الآية 37. وقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، في الخطبة المسماة أيضاً خطبة الوداع، أن يعيد ترتيب الأشهر إلى الوضع الصحيح وأكد على ذلك، بل لقد كانت هذه القضية من القضايا المركزية في خطبته عليه السلام. وهذا أمر مفهوم، لأن من مقاصد الدين الأساسية جمع الناس وتوحيدهم. وقد حرم الإسلام كل ما من شأنه أن يفرق الناس، ويعمق الخلاف بينهم. ألم يصرح الرسول عليه السلام بأن عيد الفطر يوم يفطر الناس، وأن عيد الأضحى يوم يضحي الناس؟! ففي الوقت الذي كان يصعب فيه التحقق من بداية الشهر القمري فلا يُرى القمر لوجود سحاب أو غيره، كانوا يُتِمّون الشهر 30 يوماً مع احتمال أن يكون الشهر في واقعه 29 يوماً. وعلى الرغم من ذلك فإن العبرة لما أجمع عليه الناس، لأن إتمام الشهر 30 يوماً عند عدم التحقق من مولد الهلال هو حكم شرعي. وكذلك الصيام هو حكم شرعي، واجتماع الناس في عبادتها وأعيادها مقصد من مقاصد الشرع.
آيات قرآنية تتعلق بالزمن وحسابه
* يقول تعالى في سورة يونس :"هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا، وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب. ما خلق الله ذلك إلا بالحق، يفصل الآيات لقوم يعلمون"(1).
ملاحظات على الآية:
* يؤدي اختلاف منازل القمر إلى تكون الشهور والسنين، وبالتالي يسهل على الإنسان معرفة السنين والأشهر..الخ.
* قوله تعالى "عدد السنين والحساب" يدل على أن هذه المنازل لا ترشدنا إلى معرفة السنين فقط، بل هناك أيضاً "والحساب" وهي تحتمل ما هو أصغر من السنة كالشهر، والأسبوع، واليوم...... وتحتمل أيضاً دورات أخرى أكبر من السنة، كالدورة الخسوفية وغيرها ... الخ.
* ما خلق الله عالم الأفلاك إلا بالحق، من أجل صلاح شأن المخلوقات، بما فيها الإنسان، والذي هو خليفة في الأرض، وسُخر له ما في السماوات وما في الأرض.
* إن مثل هذه الآيات يتم تفصيلها ليتنبه أهل العلم إلى دلالاتها وإشاراتها، وكل ذلك في مقام النعمة، وبالتالي يتيح العلم للإنسان مجالاً أعظم للاستفادة من إمكانات الكون البديع.
* يقول تعالى في سورة الإسراء :"وجعلنا الليل والنهار آيتين، فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة، لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب، وكل شيء فصلناه تفصيلا"(2).
ملاحظات على الآية:
* القمر هو آية الليل، وقد زال ضوءه وأصبح مجرد عاكس لضوء الشمس، والشمس هي آية النهار، وضوؤها يجعل الإنسان مبصراً للكون المحيط به.
* ذكر القرآن في هذه الآية حكمة من حكم هذا الخلق البديع لم يذكرها في الآية السابقة وهي: "لتبتغوا فضلاً من ربكم" وهذا يعني أن النهار وما فيه من إبصار يساعد الإنسان على التقلب في النعم التي لا يُحصيها.
* في الآية السابقة كان التركيز على منازل القمر دون الشمس، وإن كانت هذه المنازل تعبر في الحقيقة عن علاقة القمر بالأرض والشمس. وفي هذه الآية يبرز دور الشمس والقمر في معرفة الإنسان لعدد السنين، ولما يمكن استنباطه من وجوه الحساب.
*واضح أن النعمة لا تتعلق بحساب السنين والأشهر القمرية فقط، بل وبالسنين الشمسية، وبما هو أكثر من ذلك.
* أشار سبحانه وتعالى في الآية الأولى إلى أنه يفصل الآيات لأهل العلم، وأشار في الآية الثانية إلى أنه قد فصل كل شيء، وهذا يعني أن وراء النظرة الكلية تفصيلات تحتاج إلى توقف ونظر. بل إن الإنسان ليكتشف كل يوم أن وراء كل تفصيل تفصيلات، ووراء كل جزئية جزئيات. وهكذا وكأن الأمر لا يتناهى.
* يقول تعالى في سورة الأنعام :"وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً"(3) . ويقول في سورة الرحمن "الشمس والقمر بحسبان"(4) .
ملاحظات على الآيتين:
* الحسبان: جمع حساب. ويصح أن يكون مصدرا، أي حسب حسبانا، كغفر غفراناً. فقد جعل الله تعالى الشمس والقمر علامة حساب للناس، ولا يكونان علامةً للحساب، حتى يجريا بحساب وبقدر.
* جاء الإسلام ليصحح نظرة البشر إلى الظواهر الكونية، فبعد أن كانت في الوثنيات آلهة تعبد، أصبحت عند المسلم مخلوقات خلقها الله بقدر وحساب، لتحقق الحكمة من وجودها، ولتقوم بوظيفة خلقها. ويبقى الإنسان هو الخليفة الذي سخرت له كل هذه المخلوقات وكل هذه القوانين، وما عليه إلا أن يستخدم عقله وفكره وقدراته لتحقيق وظيفته في الكون باعتباره الخليفة السيد. ويكون ذلك على أتم صورة عندما يوظف القوانين والسنن الكونية، وعندما يلتزم القوانين والسنن التشريعية.
* يقول سبحانه وتعالى في سورة التوبة :"إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم ذلك الدين القيم"(5) .
ملاحظات على الآية:
* في حكم الله وتقديره أن عدة الشهور في السنة هي (12) شهرا، وهذا الأمر هو قانون كوني كان منذ خلق الله السماوات و الأرض.
* أن تكون السنة (12) شهراً هو قانون كوني، أماّ أن يكون منها أربعة حُرُم فهذا قانون شرعي، والأشهر الحرم هي:ذو القعدة، وذو الحجة، ومُحَرم، ورجب، أي الأشهر ( 11، 12، 1، 7) من السنة القمرية.
* إنّ الدين الحق هو الدين القائم بمصالح النّاس، وتأتي تشريعاته لحفظ شؤونهم، وهذا من معاني قوله تعالى"ذلك الدين القيم".ومن قيام هذا الدين بمصالح الناس تشريعه لأحكام الأشهر وعلى رأسها حرمة الابتداء بالقتال، من أجل أن تكون هذه الأشهر هي أشهر سلام. إلا أن الناس في الجاهلية قد احتالوا على هذا التشريع فأخروا الأشهر الحرم بحسب أهوائهم، بل سمّوا الأشهر بغير أسمائها، ليستحلوا إيقاع الحرب في الأشهر الحرم.وقد كانوا يلتزمون بأربعة أشهر يحّرمونها، ولكنهم تلاعبوا بمواقعها، و التي هي مواقع مرتبطة بقوانين كونية.وهذا التلاعب هو النسيء الذي جاء فيه قول الله تعالى:"إنما النسيء زيادة في الكفر".
جاء فيما أخرجه البخاري ومسلم، وأحمد، وأبو داود وغيرهم، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع "ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض. السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حُرُم، ثلاثة متواليات؛ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ورجب مفرد، الذي بين جمادى وشعبان".
ملاحظات على الحديث :
* حجة الوداع، هي آخر حجة للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حرص فيها الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يودّع المسلمين وينصح لهم، وقد كانت في شهر ذي الحجة، والذي يدل اسمه على أنه الشهر الذي تقع فيه أعمال الحج.
* حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إبلاغ الناس بأن الزمان قد عاد إلى وضعه الصحيح، وانسجم واقع الناس مع الواقع الكوني، وبالتالي تكون الأحكام الدينية قد انسجمت مع الواقع الكوني.فإذا كان النسيء قد أحدث فوضى، فإن الإسلام قد أعاد الأمور إلى نصابها.
* كانت خطبة حجة الوداع في التاسع من ذي الحجة، وهو يوم مشهود، يقف فيه الجميع يسمعون للرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد أن ذكرهم عليه السلام بحرمة المكان وحرمة الزمان الذي هم فيه، أعلمهم أن هذه اللحظة هي لحظة انسجام بين قوانين الكون وقوانين الشرع، وبالتالي عليهم أن يبدأوا من هذه اللحظة بتصويب التقويم. ولاشك أن وجود الأشهر الحرم في مواقعها الشرعية يقتضي أن نضبط الزمن، وأن نتابع الملاحظة، وأن نوجد التقويم الذي يمنع التلاعب و الانحراف، وبهذا يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد ضبط التوقيت، الذي لا تقوم لأمة متحضرة بدونه قائمة، بل لا تسود بدونه حضارة.
خلاصة:ما أردنا أن نبرزه في السطور السابقة هو أن الإحساس بالوقت، وضبطه، من ضرورات المجتمعات المتحضرة، والتي يراد منها أن تتحضّر. ولاشك أن الدين القيّم هو الدين الذي يتبنى في تشريعاته مصالح البشر.ثم إن الانسجام مع القانون الكوني يعني أننا ننسجم مع القانون الشرعي. ولا ننسى لحظة أن الذي خلق الكون ونواميسه هو الذي أنزل الدين وتشريعاته:"ألا يعلمُ من خلق".
الهوامش
(1) سورة يونس. الآية 5.
(2) سورة الإسراء. الآية 12.
(3) سورة الأنعام. الآية 96.
(4) سورة الرحمن. الآية 5.
(5) سورة التوبة. الآية 9.