أجهزة قياس الوقت
اعتمد الإنسان في بداية الأمر على تكرار الظواهر الطبيعية الأرضية بشكل دوري ، خاصة دوران الأرض حول نفسها ، ودورانها حول الشمس ، وحدوث الليل والنهار ، وتباين أطوالهما مع اختلاف أشعة الشمس وأطوال الظلال . مما دفعه الأمر ليعتمد المزاول الشمسية (الساعات الشمسية) مقياسا للوقت لآلاف السنين . بل وما زال بعض الناس يقدرون أوقاتهم اعتمادا على ذلك بمدى دقّة يتراوح ما بين بضعة دقائق ونصف الساعة يوميا .
كما لجأ الإنسان إلى أجهزة عدّة لقياس الوقت ، قام باستنباطها بطرق أولية قادته إلى اختراع الساعات الميكانيكية منذ القرن الثالث عشر وانتشارها بشكل واضح في القرن الخامس عشر . وتطورت أجهزة قياس الوقت بشكل واسع في النصف الثاني من القرن العشرين حيث أخترعت الساعات الذّرّيّة ذات الدّقّة العالية للوقت .
عرض موجز لأهم الساعات التي استخدمت حتى الآن
الساعة الشمسية (المزولة)
تعتمد هذه الساعة في الأساس على طول الظل واتجاهه ، وقد عرفت منذ آلاف السنين حيث عرفها المصريون القدماء باسم ساعات الظل ومنها تلك التي عثر عليها في مصر والموجودة حاليّا في متحف (آلان) ببرلين ، وتتكون من لوح خشبي (حوالي 28 سم) ينتهي أحد طرفيه بكتلة خشبية ، ومدوّن على اللوح خطوط وأسماء الساعات ، ويوضع اللوح في اتجاه شرقي غربي بحيث تكون الكتلة الخشبية على تقسيمات اللوح الخشبي . وعرفت الساعة الشمسية ذات العقرب منذ أيام البابليين ، واستخدم الفلكيون الصينيون المزاول في حسابهم للوقت ، وكانت تعرف عندهم باسم (قويبياو) وتتألف من قضيب رأسي يلقي ظلّا ، وشريط أفقي مدرّج يأخذ اتجاه الجنوب والشمال يقاس عليه الظل حسب تقسيمات معينة موزعة بعناية فائقة . ومن المزاول شائعة الاستعمال المزولة الأفقية وغيرها من الأنواع الكثيرة والتي تعتمد كلها على الظل .
الساعة الرملية
وهي ساعة بسيطة مكونة عادة من وعائين زجاجيين لهما شكل قريب من القمع ملتصقين ببعض ومتصلين فيما بينهما عبر فتحة تسهل مرور الرمل من أحد الوعائيين إلى الآخر بحيث يبقيان بشكل رأسي على بعضهما . وتتم آلية عملها بوضع كمية من الرمل في الوعاء العلوي معروفة مسبقا المدّة التي تستغرقها كي تتسرب إلى الوعاء السفلي – لتنعكس الآية كلما تسرب الرمل بكامله من الوعاء العلوي إلى الوعاء السفلي – ثم يعكس الوعائيين بحيث يصبح الوعاء السفلي علويّا والعلوي سفليّا .
وقد صممت أحجام مختلفة تعطي كل منها قياسا لمدّة محدّدة من الزمن (أجزاء من الساعة إلى 8 ساعات) . أما عن حبيبات الرمل المستعملة فتكون متساوية ومفككة وجافّة بحيث لا تتكتّل عند عنق الساعة ، ولذلك تم إضافة مزيجا من الرمل وغبار المرمر .
الساعة المائية
تشبه آليّة عمل هذه الساعات ما تم ذكره في الساعات الرملية ، وهي تتكون عادة من أوعية زجاجية أو حجرية أو معدنية . والأحواض مقسمة من الداخل إلى أقسام تدل على الساعات او المدّة المطلوبة . وقد استعملت لعدّة أغراض منها مثلا مدّة الخطابات في الاجتماعات والمحافل الرسمية ، وتتصف هذه الساعات بعدم دقتها حيث ان الماء لا ينساب بصورة منتظمة متساوية وذلك لقانون الضغط الجوي .
الساعات النارية
تعتمد الساعات النارية على مبدأ احتراق مواد معينة في فترات زمنية محدّدة ، وقد تكون المادة كمية من النفط أو ما شابه ذلك توضع في مصباح من الفخار أو غيره تؤمن الإضاءة لمدّة معينة ، أو تكون عيدان خشبية تسحق مع نوع معين من العطور ليصنع من هذا المسحوق عيدان بأشكال مختلفة حيث تقسم إلى أجزاء مختلفة يشير كل جزء إلى مدّة معينة ، وفي بعض الأحيان توضع كرات معدنية عند نهاية معلومة تسقط عند احتراق العود إلى هذه الكرة حيث تسقط على وعاء معدني محدثة صوتا قويّا ينبيء عن الوقت .
الساعات الميكانيكية
ظهرت من هذه الساعات أنواع مختلفة فيما بين القرن العاشر وأوائل القرن العشرين ، وتكاد تكون محصورة في نوعين :
1. الساعات ذات الدواليب : والتي تعرف أيضا بالساعة الدقاقة ، وقد عرفت في النصف الأول من القرن الخامس عشر في مدينة (نورنبرغ الالمانية) حيث ركبت على برج كنيسة (سانت سيبالد) الرئيسية ، وكانت القوة المحركة لهذه الساعات تعتمد على الأوزان وليس على اللوالب (الزمبركات) لمنع انجراف الاوزان إلى أسفل اعتمادا على آلية خاصة تمثلت في وضع قضيب عرضي على صفيحة الأرقام عرف باسم الميزان مع مثقلان صغيران وضعا أيضا فوق الصفيحة ، ويوجد على صفيحة الأرقام تقسيمات للساعات حسب المدد المطلوبة .
2. الساعات ذات الرقاص : وهي تعرف أيضا بالساعات البندولية التي استطاعت أن تحقق مزيدا من الدقة في قياس الوقت وصلت إلى عدة ثوان في اليوم ن وهي تعود إلى (غاليلي) في أواخر القرن السادس عشر ، وقد تم تحسين وتطوير هذه الساعة من حيث الأداء والمعدن المستعمل حتى وصلت إلى ضبط الوقت إلى 1/10 ثانية/يوم ، وفي العام 1921 م . طورت تحت اسم ساعة (شورت) وبلغت من الدقة 1/100 ثانية/يوم ، وبدأ التنافس في صناعة الساعات يظهر خصوصا بين سويسرا واليابان ونتج عن هذا التنافس :
أولا : الساعات الكوارتزية :
وهي الساعات التي اعتبرت خليفة ساعة الرقاص ومخترعها شاب مهندس الكتروني أحدث ثورة في عالم صناعة الساعات التي تقيس الوقت بدقة كبيرة ، وقلب هذه الساعة النابض هو عبارة عن قطعة من الكوارتز تعطي اهتزازات تشبه اهتزازات الجرس عند تردده الطبيعي ، ومجموع الاهتزازات التي تقدمها قطعة الكوارتز تشكل الوقت الذي يتم عرضه من خلال الساعة . وقد أدخلت هذه الساعات كموقتات قياسية في غرينيتش عام 1942 م . حيث كانت دقتها تفوق دقة ساعة الرقاص بعشر مرات حيث وصلت إلى 1/1000 ثانية/يوم .
ثانيا : الساعة الذرية :
تابع العلماء ابتكار ما هو أفضل وأدق من ساعات الكوارتز حتى ظهرت إلى الوجود الساعة الذرية في عام 1967 م . معتمدة على تذبذبات عنصر الكاسيوم المشع ، وليست ذرة الكاسيوم هي الوحيدة التي استخدمت في الساعات الذرية ، ولكنها الأفضل ، ومع ذلك توجد ساعات ذرية تقوم على ذرات عنصر الربيديوم أو الهيدروجين . وتمتلك الساعات الذرية إمكانية في الدقة تصل إلى جزء واحد من ألف مليون جزء من الثانية في اليوم . وهذا التقدم هو مظهر من مظاهر التطور السريع لتطبيق الإلكترونيات في مجالات الاتصالات وكافة العلوم الأخرى .