ارتبطت
مصر الفرعونية بالسحر أكثر من غيرها من الحضارات القديمة، وذاع صيت السحرة
المصريين بين الشعوب المجاورة، وأسهب الرحالة القدماء في الحديث عن
براعتهم، كما أن الكتب السماوية قد ألمحت إلى طرف من تلك الممارسات
السحرية، وإن كانت قد أكدت بمنظور علمي سليم أن السحر مجرد لون من الإيهام
والخداع، وليس حقيقة واقعة.
وكان السحر يمارس على نطاق واسع في مصر القديمة وفي كافة قطاعات المجتمع،
بدءاً من المعابد وقصور الفراعنة حتى أكواخ الفلاحين والصيادين البسطاء.
وتشهد على ذلك التمائم الكثيرة متعددة الأنواع والأشكال التي لا يخلو منها
أي موقع أثري. وكان السحر مكملاً للدين وللعلم، فهو يتيح الوقاية من
الشياطين وغيرهم من الكائنات والقوى الشريرة التي تصور القدماء أنها تتربص
بهم وراء حدود العالم المنظور، ولذا فالفلاح لا يكتفي بالصلاة ودعاء الإله
لكي ينعم عليه بمحصول وفير، بل يعمد إلى استخدام التمائم والتعاويذ لكي
يبقي حقله من شر الشياطين والكائنات الأخرى المؤذية. والطبيب لا يكتفي بوصف
العلاج، بل يتبعه بتعاويذ تساعد على صرف القوى الشريرة التي تتسبب في
إلحاق المرض بالمريض.
ومن ثم فدراسة السحر في مصر القديمة تلقي الضوء على جوانب هامة في الحضارة
المصرية والممارسات الشعبية، كما أنها تفسر الكثير من الظواهر التي ورثناها
عن أسلافنا القدماء.